فصل: قال أبو جعفر النحاس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وبعد أن تتحدث السورة عن دلائل الإيمان في هذا العالم المنظور، الذي هو الذي هو أثر من آثار صنع الله الباهر، وحكمته وقدرته، تدعو الناس إلى الاستجابة لدعوة الله، والانقياد والاستسلام لحكمه، قبل أن يفأجئهم ذلك اليوم العصيب، الذي لا ينفع فيه مال ولا قريب {استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله} الآيات.، وتختم السورة بالحديث عن الوحي وعن القرآن، كما بدأت به في مطلع السورة الكريمة، ليتناسق الكلام في البدء والختام {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} الآية.

.التسمية:

سميت (سورة الشورى) تنويها بمكانة الشورى في الإسلام، وتعليما للمؤمنين أن يقيموا حياتهم، على هذا المنهج الأصيل الأكمل (منهج الشورى) لما له من أثر عظيم جليل في حياة الفرد والمجتمع، كما قال تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة الشورى مكية ونظيرتها في غير الكوفي والمرسلات ولا نظير لها فيه.
وكلمها ثماني مئة وست وستون كلمة.
وحروفها ثلاثة آلاف وخمس مئة وثمانية وثمانون حرفا.
وهي خمسون وثلاث آيات في الكوفي وخمسون في عدد الباقين.
اختلافها ثلاث آيات {حم} و{عسق} و{كالأعلام} عدهن الكوفي ولم يعدهن الباقون وكلهم عد {ويعف عن كثير} في الموضعين من هذه السورة وقد جاء عن أيوب بن المتوكل أنه لم يعد الأول ولا يصح ذلك عنه.
وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودا بإجماع خمسة مواضع {أن أقيموا الدين} {كبر على المشركين} {من طرف خفي} {عليهم حفيظا} {من يشاء عقيما}.

.ورءوس الآي:

{الحكيم}.
3 {العظيم}.
4 {الرحيم}.
5 {بوكيل}.
6 {السعير}.
7 {نصير}.
8 {قدير}.
9 {أنيب}.
10 {البصير}.
11 {عليم}.
12 {ينيب}.
13 {مريب}.
14 {المصير}.
15 {شديد}.
16 {قريب}.
17 {بعيد}.
18 {العزيز}.
19 {نصيب}.
20 {أليم}.
21 {الكبير}.
22 {شكور}.
23 {الصدور}.
24 {يفعلون}.
25 {شديد}.
26 {بصير}.
27 {الحميد}.
28 {قدير}.
29 {كثير}.
30 {نصير}.
31 {شكور}.
33 {كثير}.
34 {محيص}.
35 {يتوكلون}.
36 {يغفرون}.
37 {ينفقون}.
38 {ينتصرون}.
39 {الظالمين}.
40 {سبيل}.
41 {أليم}.
42 {الأمور}.
43 {سبيل}.
44 {مقيم}.
45 {سبيل}.
46 {نكير}.
47 {كفور}.
48 {الذكور}.
49 {قدير}.
50 {حكيم}.
51 {مستقيم}.
52 {الأمور}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة الشورى:
{حم عسق-} تقدم أن قلنا إن الحروف المقطعة التي جاءت في أوائل السور حروف تنبيه نحو ألا ويا ونحوهما، يؤتى بها لإيقاظ السامع وتنبيهه إلى ما سيلقى إليه من الأمور العظام المشتملة عليها هذه السورة، وينطق بأسمائها هكذا (حاميم. عين. سين. قاف.).
{يتفطرن}: أي يتشققن، يسبحون: أي ينزهون اللّه عما لا يليق به، والأولياء: الشركاء والأنداد، {حفيظ}: أي رقيب على أحوالهم وأعمالهم، {بوكيل}: أي بموكول إليك أمورهم حتى تؤاخذهم بها ولا وكل إليك هدايتهم، وإنما عليك البلاغ فحسب.
الإنذار: التخويف: و{أم القرى}: مكة، و{يوم الجمع} يوم القيامة: سمى بذلك لاجتماع الخلائق فيه كما قال تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ} والفريق: الجماعة، و{السعير}: النار المستعرة الموقدة.
الولي: الناصر والمعين، {أنيب}: أي أرجع، {فاطر السماوات والأرض}: أي مبدعهما لا على مثال سابق، {من أنفسكم}: أي من جنسكم، {يذرؤكم}: أي يكثّركم يقال ذرأ اللّه الخلق: بثهم وكثّرهم، {مقاليد}: واحدها مقلاد أو مقليد أو إقليد، وهو المفتاح، يبسط أي يوسع، يقدر: أي يقتّر ويضيق.
{أقيموا الدين}: أي حافظوا عليه، ولا تخلّوا بشىء من مقوّماته، والمراد بالدين دين الإسلام، وهو توحيد اللّه وطاعته، والإيمان برسله، واليوم الآخر، وسائر ما يكون به العبد مؤمنا، {ولا تتفرقوا فيه}: أي ولا تختلفوا فيه، فتأتوا ببعض وتتركوا بعضا، {كبر}: أي عظم وشق عليهم، {يجتبي}: أي يصطفى، {ينيب}: أي يرجع، و{البغي}: الظلم ومجاوزة الحد في كل شيء، {لقضى بينهم}: أي باستئصال المبطلين حين تفرقوا.
{ادع}: أي إلى الائتلاف والاتفاق، {واستقم}: أي اثبت على الدعاء كما أوحى إليك، {آمنت بما أنزل من كتاب}: أي صدقت بجميع الكتب المنزلة، {لا حجة}: أي لا احتجاج ولا خصومة.
{يحاجون في اللّه}: أي يخاصمون في دينه، {استجيب له}: أي استجاب الناس لدينه ودخلوا فيه لوضوح حجته، {داحضة}: أي زائفة باطلة، {والميزان}: العدل بين الناس، {يدريك}: يعلمك، {الساعة}: القيامة، {مشفقون}: خائفون منها حذرون من مجيئها، {الحق}: أي الأمر المحقق الكائن لا محالة، {يمارون}: أي يجادلون وأصله من مريت الناقة: أي مسحت ضرعها للحلب، إذ كل من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه.
{لطيف بعباده}: أي هو برّ بهم يفيض عليهم من جوده وإحسانه، {حرث الآخرة}: ثمرات أعمالها تشبيها لها بالغلة الحاصلة من البذور، {حرث الدنيا}: لذّاتها وطيباتها، {شركاء}: أي في الكفر وهم الشياطين، {شرعوا لهم}: أي زينوا لهم، {ما لم يأذن به اللّه}: أي كالشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا فحسب، {كلمة الفصل}: هي القضاء والحكم السابق منه بالنّظرة إلى يوم القيامة، الروضة: مستنقع الماء والخضرة، و{روضات الجنات}: أطيب بقاعها وأنزهها.
البشارة: الإخبار بحصول ما يسرّ في المستقبل، و{القربى}: التقرب، {يقترف}: أي يكتسب، {يختم على قلبك}: أي يجعل قلبك من المختوم عليهم حتى تجترىء على الافتراء، {يمحو}: أي يزيل، {يحق}: أي يثبت، و{كلماته}: هي حججه وأدلته، {يستجيب الذين آمنوا}: أي يجيب دعاءهم.
البسط: السعة، و{البغي}: الظلم ومجاوزة الحد، {بقدر}: أي بتقدير يقال قدره قدرا وقدرا إذا قدّره، و{الغيث}: المطر، وقنط: يئس، و{رحمته}: هي منافع الغيث وآثاره التي تعم الحيوان والنبات والسهل والجبل، و{الولي}: هو الذي يتولى عباده بالإحسان، {الحميد}: أي المستحق للحمد على نعمه، {بث}: نشر وفرّق، والدابة: كل ماله دبيب وحركة، {على جمعهم}: أي حين الحشر والحساب: {بمعجزين}: أي بجاعلين اللّه تعالى عاجزا بالهرب منه، و{الجواري}: أي السفن الجارية، و{الأعلام}: واحدها علم: وهو الجبل، قالت الخنساء في رثاء أخيها صخر:
وإن صخرا لتأتمّ الهداة به ** كأنه علم في رأسه نار

{يسكن الريح}: أي يجعلها ساكنة لا تموج، {رواكد}: أي ثوابت، و{صبار}: كثير الصبر وهو حبس النفس حين الشدائد عن الجزع وعن التوجه إلى من لا ينبغي التوجه إليه، و{شكور}: أي كثير الشكر للنعم، {يوبقهن}: أي يهلكهن يقال للمجرم أوبقته ذنوبه: أي أهلكته، {محيص}: أي مهرب ومخلص.
آتاه الشيء: أعطاه إياه، والمتاع: ما ينتفع ويتمتع به من رياش وأثاث ونحوهما، {يتوكلون}: يفوّضون إليه أمورهم، {كبائر الإثم}: هي كل ما يوجب حدّا، و{الفواحش}: هي ما فحش وعظم قبحه كالزنا والقتل ونحوهما، و{استجابوا}: أي أجابوا داعى اللّه، فأدّوا فرائضه، وتركوا نواهيه، والشّورى والمشاورة: المراجعة في الآراء، ليتبين الصواب منها، و{البغي}: الظلم، {ينتصرون}: أي ينتقمون.
السيئة: مأخوذة من السوء، وهو القبيح، و{انتصر}: أي سعى في نصر نفسه بجهده، {من سبيل}: أي من عقاب ولا عتاب، {لمن عزم الأمور}: أي لمن الأمور المشكورة والأفعال التي ندب إليها عباده، ولم يرخّص بالتهاون فيها.
{استجيبوا لربكم}: أي أجيبوه إذا دعاكم إلى ما فيه نجاتكم، {لا مردّ له}: أي لا يرده أحد بعد ما حكم به، {ملجأ}: أي ملاذ تلجئون إليه، {نكير}: أي إنكار وجحود لما اقترفتم، {حفيظا}: أي محاسبا لأعمالهم رقيبا عليها، {رحمة}: أي نعمة من صحة وغنى، {سيئة}: أي بلاء من فقر ومرض وخوف، {كفور}: نسّاء للنعمة ذكّار للبلية، يزوجهم أي يجعلهم جامعين بين البنين والبنات، {عقيما}: أي لا يولد له. اهـ.. باختصار.

.قال أبو جعفر النحاس:

سورة الشورى:
وهي مكية.
1- من ذلك قوله جل وعز: {حم عسق} (آية 1).
وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس {حم سق} قال ابن عباس وكان علي عليه السلام يعرف الفتن بها وروى معمر عن قتاده في قوله تعالى: {حم عسق} قال: اسم من اسماء القرآن.
2- وقوله جل وعز: {كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم} (آية 3) المعنى يوحي إليك وإلى الذين من قبلك كذلك الوحي الذي تقدم أو كحروف المعجم وقيل إنه لم ينزل كتاب إلا وفيه {حم عسق} فالمعنى على هذا كذلك الذي أنزل من هذه السورة وهذا مذهب الفراء قال ويقرأ {كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك} قال أبو جعفر يجوز على هذه القراءة ان يكون هذا التمام ثم ابتدأ فقال: {الله العزيز الحكيم} على أن العزيز الحكيم خبر أو صفة والخبر {له ما في السماوات وما في الأرض} وكذلك يكون على قراءة من قرأ {نوحي} بالنون ويجوز على قراءة من قرأ {يوحى} ان يكون المعنى يوحي الله وأنشد سيبويه:
ليبك يزيد ضارع لخصومة ** وأشعث ممن طوحته الطوائح

فقال: ليبك يزيد ثم بين من ينبغي أن يبكيه فالمعنى يبكيه ضارع.
3- وقوله جل وعز: {تكاد السماوات ينفطرن من فوقهن} (آية 5) أي ينشققن كما من أعلاهن عقوبة وقال قتادة لجلالة الله وعظمته قال أبو جعفر وقيل أي من فوق الأمم المخالفة.
ويقرأ {يتفطرن من فوقهن} أي من عظمة من فوقهن.
4- ثم قال جل وعز: {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض} (آية 5) وفي الأرض المؤمن والكافر!! فروى معمر عن قتادة قال (يستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين) قال أبو جعفر ويبين هذا قوله جل وعلا {ويستغفرون للذين آمنوا} وقال في الكفار {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}.